سلسلة تناقش الشرعية باجمالها وموقع ال سعود منها وترد على الشبه التي تثار في الدفاع عنهم وتناقش كذلك مفهوم الفتنة والمصلحة

الأركان المتفق على كونها شرطا للشرعية

HTML clipboard
الأركان المتفق على كونها شرطا للشرعية
أركان الشرعية

أولا: الأركان التي لا خلاف في شرط توفرها لتحقيق الشرعية

الحديث عن الشرعية مهم وعميق ، بل هو محل الخلاف الأول مع نظام آل سعود وعنه تتفرع جميع المسائل الخلافية معه. وقبل الحديث عن الشرعية الدينية بالذات و تفاصيلها ومقاصدها لابد من توضيح بعض المصطلحات، مثل ما المقصود بالشرعية الدينية؟  حتى نستطيع ان نستخدمها في مواضعها بدقة، مبتعدين عن اسلوب التعمية والتضليل الذي تعودناه من هذا النظام وحتى ابتذلت الكلمات السامية والمعاني العظيمة على أيدي إعلامهم .
 

الشرعية تعنى أن يوافق القول أو الفعل أو التصرف  أمر الشارع بحيث يستوفي الأركان والشروط المطلوبة فتترتب عليه آثاره المقررة، ولأجل ذلك فإن مخالفة الشرعية تستوجب البطلان  وتفرض رد المخالفة وتمنع حصول آثاره المترتبة عليه
 

بداهة ليس هناك خلاف بين المسلمين فيمن هو الشارع ، فيكون المقصود بالحكم الشرعي كمصطلح بالمعنى الديني هو استيفاء هذا الحكم للمواصفات الشرعية ويقتضي ذلك الطاعة الدينية للحاكم او لجهاز الحكم بمعنى الطاعة التعبدية التي يعتبرها الفرد المسلم او المواطن امرا واجبا شرعا يؤجر بفعله ويأثم بتركه ويتبع ذلك الامتناع عن السعي في اي عمل من شأنه ازالة هذا الحاكم او هذا النظام
 

وأما الحكم بعدم الشرعية فمعناه استحقاق النظام او الحكم للتغيير ونبذ الطاعة وجواز أو وجوب السعي لذلك حسب القدرة.  هذا تعريف نتفق على تحديده قبل ان ندخل في تفاصيل مفهوم الشرعية ومقاصدها.
 

ذكرنا سابقاً أن هناك اتجاهين في تناول الشرعية، اتجاه اختزالي مرفوض يشوه المعنى ويحيد عن الطريق وذلك بأن يحصر معنى الشرعية في شخص الحاكم هل هو مسلم أو كافر حتى يكون هناك نوع من الارهاب الفكري بالزام الناس بتكفير الحاكم فيما لوسلبت عن النظام، وهذا الاتجاه يربط الشرعية بشخص الحاكم انطلاقا من مفهوم  "أنا الدولة والدولة أنا"، وهناك اتجاه منهجي شمولي يتفق مع قواعد هذا الشرع العظيم وتؤيده الأدلة وهو الذي نسعى الى تبيينه بحيث يفصل الأمر ويعطى لكل مسألة حكمها.
 

 
 

لقد سبقت الاشارة الى  ان الامامة والدولة في الاسلام لم تشرع سدىً بل شرعت لمقصد عظيم ولعبادة لا تتحقق الا بها لان الدين كله تعبد لله سبحانه وتعالى، وهناك نوعان من المقاصد او الأركان التي من أجلها شرعت الامامة:
 

الأولى مقاصد أو أركان دينية لاخلاف في ان عدم تحققها يسقط الشرعية نوجزها فيما يلي وهي : المرجعية والسيادة للشرع (الحكم بما أنزل الله) ، وتحقيق الهوية الدينية للدولة، وتحقيق العدل ، و تطبيق الحد الادنى من الواجبات الكفائية التي لا يطبقها الا الحاكم، و منع المحرمات المقطوع بحرمتها التي تمنع بقوة الدولة.
 

الثانية هي مقاصد أو أركان مصلحية دنيوية تحقق مصالح البشر لها علاقة بمسألة تسيير شؤون الناس وهي : العمل بالشورى في اختيار الحاكم ، والعمل بالشورى في قرارات الدولة،و القيام بالمحاسبة والتقويم، وتحقيق الامن بكافة اشكاله، وتأمين كافة الخدمات والامور المعاشية.
 

 
 


 

 المقاصد  الدينية المتفق على شروط توفرها للشرعية


ويستحسن التركيز هنا على المجموعة الاولى من المقاصد التي لا خلاف بين العلماء في أن التقصير فيها أو عدم تحققها يسقط الشرعية عن الحاكم ونؤكد في هذا المختصر النقاطالرئيسية في فهم هذه القضية
 


 

الحكم بما أنزل الله


● وجوب الحكم بما انزل الله ثابت بالكتاب والسنة والاجماع بل هو من المعلوم من الدين بالضرورة ،لا يعذر فيه أحد فضلاً عن أن يتفلت عنه أو يتنكب عنه من يدعي الشرعية باسم الدين
 

● هذا الركن الأساس من الشرعية يقتضي هيمنة الشرع على كل شأن وعلى كل شخص حاكما كان او وزيرا او مواطنا عاديا
 

● لا شك أن سنّ القوانين الوضعية والتشريعات النظامية المصادمة لشرع الله عزوجل بشكل مضطرد ممنهج أمر آخر غير التقصير اليومي او المحاباة او الظلم الفردي أو التهاون الذي يقع من البشر عموماً والذي وقع فيه عدد من الحكام والقضاة في تاريخنا الاسلامي مع أنه ليس بحجة كما هو معلوم
 

● مجرد زعم النظام انه ملتزم بحكم الله لا يعني شيئا اذا كان التطبيق اليومي مخالف لهذا الشرع الحكيم بل هو حجة عليهم في الدنيا والأخرة

هذه هي النقاط الرئيسة في قضية الحكم بما أنزل الله وسوف نرى كيف ان هذه النقاط قد زيفت وشوهت بالكامل في بلادنا.
 


 

هوية الدولة المسلمة


● كون الدولة مسلمة يقتضي تحكيم الشريعة الإسلامية في كل الأمور ومن بينها علاقاتها الخارجية التي يجب أن تبنى على الاسلام
 

● اقامة العلاقات على خلاف الشريعة يؤدي الى الفسق والكفر الذي يسلب عنها الشرعية
 

● من واجبات الدولة المسلمة ان تنصر المسلمين فاذا قصرت في ذلك فقد قصرت في واجب شرعي وسقطت عنها الشرعية
 

● لاشك ولاخلاف بين أهل العلم أن مساعدة غير المسلمين ضدهم وتمكّين اعداء الاسلام من المسلمين معصية عظيمة تتردد بين الردة والفسوق والنفاق الأكبر، وهي على كل حال تزيل الشرعية وتسقطها لو وقعت مرة فكيف إذا كانت منهجا وسلوكا مستديما للدولة
 

وهوية الدولة المسلمة لهاعلاقة بالقاعدة التالية من ضمن الضوابط التي لا خلاف بين العلماء على ان عدم توفرها يسقط الشرعية عن الدولة
 


 

تطبيق الواجبات التي لا يقوم بها الا الحاكم ومنع المحرمات


● الحرص على إقامة شعائر الاسلام واظهارها واجب ثابت بالكتاب والسنة خصوصاً ما لا يمكن تحقيقه إلا بالدولة ولا يسع الأفراد القيام به
 

● التمكين لدين الله لا يتحصل الا بقيام الولاة أنفسهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعلى أنفسهم أولاً وليس مجرد إنشاء هيئات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر تشحن برجال المخابرات ويراد منها فقط الدعاية للنظام
 

● التقصير في اقامة الشعائر ومنع المحرمات الثابتة مسقط للشرعية إضافة لكونه سبب للعذاب الدنيوي
 

● الطائفة التي تعطل الشرائع الثابتة او تستحل الحرام الثابت تعامل معاملة مانعي الزكاة فكيف إدا كانت هي التي تتولى أمر المسلمين.
 

 
 

هذا استعراض سريع وعجالة مختصرة للمقاصد الرئيسية الدينية يحق للقاريء المنصف أن يتبين بها إلى أن السبب الذي وجدت الامامة من اجله لم يتوفر فكيف يمكن ان تضفي شرعية وطاعة تعبدية على حاكم لم يلتزم بشيء من مقاصدها وضوابطها؟ وسوف نتناول باذن الله تفاصيل هذه النقاط واقوال العلماء والادلة الشرعية في هذه المسألة بشيء من الإيجاز والتركيز.