سلسلة تناقش الشرعية باجمالها وموقع ال سعود منها وترد على الشبه التي تثار في الدفاع عنهم وتناقش كذلك مفهوم الفتنة والمصلحة

الأركان المختلف في كونها شرطا للشرعية

HTML clipboard
أركان الشرعية
 

ثانيا: الأركان المتفق على وجوبها المختلف على كونها شرطا في تحقق الشرعية 
بينّا في الموضوع السابق أن المقاصد التي من أجلها شرعت الامامة ويمكن تقويم الشرعية الدينية بها نوعان :
 

الأولى مقاصد دينية تسقط الشرعية بعدم تحققها ولا خلاف في تحقيقها شرطا للشرعية 
 

والثانية هي مقاصد لاخلاف على وجوبها ولكن اختلف في ان عدم توفرها هل يكون سببا في سقوط الشرعية وهي كالآتي:
 


 

مقاصد مصلحية متفق على وجوبها مختلف في اشتراطها  لتحقيق الشرعية


● العمل بالشورى في اختيار الحاكم
 

● العمل بالشورى في قرارات الدولة
 

●تحقيق  العدل الشامل في تأمين حقوق الناس والعدل الخاص من خلال القضاء  المستقل النزيه
 

● تحقيق المحاسبة والتقويم
 

● تحقيق الأمن بكافة أشكاله
 

● تأمين كافة الخدمات والأمور المعاشية
 


 

حقائق شرعية حول هذه القضايا:


● الأمة مجمعة على أن الأصل في تحديد الحاكم هو الاختيار والإقرار 
 

● الأمة مجمعة على وجوب الشورى والمحاسبة ومنع الاستبداد
 

● الأمة مجمعة على وجوب تسهيل منافع الناس وتحقيق الأمن
 

● الأمة مجمعة على وجوب العدل والمسؤولية في توزيع المال العام
 

فقد تحقق الاتفاق على الوجوب في كل هذه القضايا، وهو قول الصحابة والتابعين وأتباع التابعين وغيرهم من أهل السنة ، وجرى الخلاف حول: هل يعتبر الحاكم الذي لم يحقق ذلك آثما مع بقاء شرعيته أو أنه غير شرعي وينبغي خلعه واختيار غيره.  ولأهل السنة في ذلك رأيان:
 


 

المدرسة الأولى


● تقول هذه المدرسة أنه لا شرعية ولا طاعة للمتغلب عن غير رضا وإقرار من المسلمين، فاذا استلم متغلب الحكم بالقوة او بالوراثة فلا طاعة له ويجب الخروج عليه.
 

● وتقول هذه المدرسة كذلك أن لا شرعية للحاكم المستبد الذي لا يستشير حتى وان كان تولى الحكم برضا المسلمين.
 

● وتقول لا شرعية للحاكم الظالم الذي يحكم بالهوى،
 

● لا شرعية لمن لم يحقق الأمن للناس، ولا شرعية لمن لا يحمي حقوقهم،
 

● لا شرعية لمن يستأثر بالمال العام ويعدل في توزيعه.
 

ووفقاً لهذا الرأي  يجب الخروج على الحاكم بهذه الموجبات و لو بالسلاح، وقد  قال بذلك عدد كبير من الصحابة والتابعين ، و نسب هذا الرأي لكثير من الفقهاء من بينهم عدد من الأئمة الأربعة وغيرهم ،بل عدّه ابن حزم الرأي الراجح.
 

وبهذا التفصيل فلم يكن هذا القول للخوارج أو رأياً شاذاً ، بل كان هو الرأي الغالب في صدر الدولة الاسلامية ،بل عمل بمقتضاه عدد من الصحابة والتابعين ، منهم ريحانة النبي صلى الله عليه وسلم الحسين بن علي رضي الله عنه وعبد الله بن الزبير رضي الله عنه وأبناء الصحابة في المدينة  رضي الله عنهم عندما خرجوا على يزيد وكذلك خرج عدد من فقهاء التابعين في البصرة ضد الحجاج فيما عرف بثورة الفقهاء ، ولذا يؤكد ذلك ابن حجر في قوله: (وهذا ـ يعني الخروج بالسيف ـ مذهب للسلف القديم).
 

وقد جمع الشيخ الدكتور حاكم المطيري في كتابه الحرية أو الطوفان عددا كبيرا من  النصوص تدعم هذا الرأي وتعتبر الحاكم المتغلب دون انتخاب فاقدا للشرعية مطلقا ودلل عليه بأحاديث وأقوال للخلفاء الراشدين صريحة في تحقيق هذا المعنى. 
 


 

المدرسة الثانية


تقبل باضفاء الشرعية وتقبل بطاعة الحاكم في المعروف وتمنع الخروج عليه حتى لو لم يكن منتخبا أو عادلا أو عاملا بالشورى أو مؤديا لحاجات الناس ولكن بالشروط التالية:
 

أولا: أن يكون منفذاً لواجبات الإمامة فيما صنفناه المجموعة الأولى من الأركان وهي:
 

1. سيادة الشرع وهيمنته
 

2. المحافظة على إسلامية الدولة
 

3. تنفيذ الواجبات الكفائية ومنع المحرمات التي تحتاج لسلطة في منعها،  
 

ثانيا: أن لا يزكى هذا الحاكم ولا يثنى عليه بل يوصف بالظلم والاستبداد 
 

ثالثا: أن ينكر عليه بظلمه واستبداده وينأى العلماء بأنفسهم عنه
 

رابعا: أن لا يجرّم أحد من المنكرين عليه 
 

خامسا: أن يعتبر من سعى لإزاحته مجتهداً مخطئاَ وليس خارجياً
 

 
 

وقبل محاكمة النظام الى قواعد الشرع نستعرض هذه الأمور التي أجمع العلماء على وجوب قيام الحاكم بها وإن اختلفوا في شرعية من لم يتصف بها.
 


 

الشورى


● الشورى لها موضعان لا يغني أحدهما عن الآخر:

      
أولاً: الشورى في اختيارالحاكم ، أي قبل تعيينه وهو ما يسمى  الآن بالانتخاب

      ثانيا
:  الشورى كذلك في اتخاذ القرار في أثناء حكمه
 

● لا خلاف بين العلماء في وجوب الشورى في الأمرين، وذلك للنصوص المعروفة المشهورة ، ولكن جرى الخلاف في مدى الزام الحاكم برأي المستشارين
 

● الشورى لابد ان تنظم آلياً بمؤسسات منتظمة ثابتة فعالة لا أن تكون على هوى الحاكم
 

● الشورى لابد ان تنظم بعقد اجتماعي واضح المعالم والحدود وفقاً للشريعة
 


 

المحاسبة والمراقبة


● محاسبة الحاكم وأعوانه ليست حقاً للأمة فحسب بل هي واجب تأثم إذا قصرت فيه
 

● الحاكم لا يسمح بالمحاسبة فحسب بل يمتثل لأحكامها ، ولو أدت للخلع أو عقوبة الإعدام والمصادرة
 

● تعطيل المحاسبة يعني العذاب الدنيوي من الفوضى والظلم المتراكم ويؤدي الى الإثم العظيم
 

● تنظيم المحاسبة هو تأدية لحق الله عزوجل في إقامة الدولة
 

● لتحقيق مهمة المحاسبة لا بد من ترتيب أجهزة الحكم والشورى بطريقة محكمة تعين على إتمام ذلك
 

● وجوب توعية المسلمين بحقهم في ذلك بل إن هذا من العلم الشرعي الذي لا يعذر المسلم بالجهل به
 


 

العدل


● العدل بالمعنى الشامل مطلب شرعي متفق عليه
 

● العدل مفهوم شامل يتجاوز مفهوم العدل بين شخصين في حكم أو معاملة
 

● العدل لفظ أدق وأشمل من المساواة ، ولذا ورد في القرآن الأمر به، والمساواة أمام القضاء من مظاهر العدل
 

● العدل لا يتحقق بطيبة الحاكم وطواعيته كما يظن البعض بل يتحقق بالضمانات النظامية التي ترتبها الدولة المسلمة بهيمنة الشرع والقضاء
 

● استقلال القضاء عن الحاكم وبطانته شرط من شروط تحقق العدل ولا يتحقق ذلك إلا بنظام عدلي سليم
 

● نفوذ أحكام القضاء على الناس جميعاً وبشكل فوري دون تدخل الجهات التنفيذية هو من مظاهر العدل
 

● بناء علي ذلك يصبح النظام العدلي شرطاً لتحقيق الشرعية
 


 

تحقيق الأمن بأنواعه:


● الأمن الجنائي حيث  يأمن الناس على أعراضهم وأموالهم وأنفسهم من المجرمين
 

● الأمن الفكري أن تحمي الدولة حق الناس  في قول ما يؤمنون به
 

● الأمن الأجتماعي أن تضمن الدولة ما يعصم الناس من الانحراف والمجتمع من التفكك
 

● الأمن العسكري لحماية الدين والدولة
 

● الأمن الاقتصادي بحيث توفر الدولة للناس كفايتهم
 

هذه مجرد اشارات بخصوص الامن ولكن الأمر يحتاج الى تفصيل ليس هذا محله، بل هناك واجبات أخرى على الحاكم يصعب تصنيفها تصنيفاً تاماً وهي توفير الخدمات, والخدمات ليس لها حد انما ينبغي للحاكم ان يؤدي ما اتفق الناس على انه ضروري لمعيشتهم.
 


 

تأمين الخدمات


ينبغي أن يقوم الحاكم  بكل ما يؤدي لسهولة حياة الناس  مثل  الماء والكهرباء والوقود والمواصلات والاتصالات و تسهيل الشؤون الإدارية وحل مشاكل الناس وتوفير الخدمة الخاصة للفئات الضعيفة مثل اليتيم والشيخ والأرملة وذوي الاحتياجات الخاصة حتى لايستغل مرضى النفوس ضعفهم
 


 

بناء على ماتقدم كيف نقوم النظام السعودي


وفقاً لمقاييس كلا المدرستين واضح أن النظام السعودي عطل كلا النوعين من الأركان، وبهذا فالنظام لا يتمتع بأي شرعية لأن المشكلة في إخلاله بالأركان الدينية التي تبنى عليها شرعية النظام، فأركان الإمامة معطلة تماماً، ولذا فلا يجوز بأي حال تزكية النظام أو الثناء عليه لأنه ثناء على كفر وظلم وفسق وطغيان، و لا يجوز التثريب على من يرى عدم شرعيته ،وبما أنه غير قائم بالأركان الأساسية فلا بد من السعي لتحقيقها. وكذلك عطل النظام النوع الثاني من الأركان فلا يستطيع أحد أن يزعم ان النظام قائم على الشورى أو العدل أو توفير الأمن والخدمات للأمة.